يسم الله الرحمـن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
الحديث رواه أحمد والنسائي والترمذي من حديث جابر رضي الله عنه في قصة تعليم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم مواقيت الصلاة، ونقل الترمذي عن البخاري أن هذا الحديث أصح شيء في المواقيت، ومعنى كونه أتاه في المغرب وقتا واحداً لم يزل عنه، أي أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة المغرب في اليوم الثاني في نفس الوقت الذي أتاه فيه في اليوم الأول لم يغيره، وبهذا الحديث احتج من قال من العلماء بأن المغرب لها وقت واحد لا يجوز تأخيرها عنه، وهو قول أكثر الشافعية، وذهب المحققون منهم كالنووي إلى امتداد وقت المغرب إلى سقوط الشفق كما دلت على ذلك الأحاديث الأخرى.
قال النووي في شرح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم فإذا صليتم المغرب فإنه وقت إلى أن يسقط الشفق. وفي رواية: وقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق. وفي رواية: ما لم يغب الشفق. وفي رواية: ما لم يسقط الشفق. هذا الحديث وما بعده من الأحاديث صرائح في أن وقت المغرب يمتد إلى غروب الشفق وهذا أحد القولين في مذهبنا وهو ضعيف عند جمهور نقلة مذهبنا، وقالوا الصحيح أنه ليس لها إلا وقت واحد وهو عقب غروب الشمس بقدر ما يتطهر ويستر عورته ويؤذن ويقيم، فإن أخر الدخول في الصلاة عن هذا الوقت أثم وصارت قضاء. وذهب المحققون من أصحابنا إلى ترجيح القول بجواز تأخيرها ما لم يغب الشفق وأنه يجوز ابتداؤها في كل وقت من ذلك ولا يأثم بتأخيرها عن أول الوقت وهذا هو الصحيح أو الصواب الذي لا يجوز غيره. والجواب عن حديث جبريل عليه السلام حين صلى المغرب في اليومين في وقت واحد حين غربت الشمس من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه اقتصر على بيان وقت الاختيار ولم يستوعب وقت الجواز وهذا جار في كل الصلوات سوى الظهر. والثاني: أنه متقدم في أول الأمر بمكة وهذه الأحاديث بامتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق متأخرة في أواخر الأمر بالمدينة فوجب اعتمادها. والثالث: أن هذه الأحاديث أصح إسناداً من حديث بيان جبريل عليه السلام فوجب تقديمها. انتهى.
والله أعلم.